السياحة العلاجية المستدامة في تايلند: بين الربح والمسؤولية الاجتماعية
في ظلّ تزايد الوعي العالمي بأهمية الاستدامة، لم يعد نجاح قطاع السياحة العلاجية يُقاس فقط بعدد المرضى أو حجم الإيرادات، بل بمدى التزامه بمبادئ المسؤولية الاجتماعية والبيئية. وهنا، تبرز تايلند كنموذج فريد يسعى إلى الموازنة بين الجاذبية التجارية والالتزام الأخلاقي، حيث تعمل المستشفيات الكبرى والمنتجعات العلاجية على دمج ممارسات مستدامة في قلب عملياتها — من تقليل البصمة الكربونية إلى دعم المجتمعات المحلية وضمان عدالة الوصول إلى الرعاية الصحية.
الاستدامة في السياحة العلاجية لا تعني فقط إعادة التدوير أو استخدام الطاقة النظيفة (رغم أهميتها)، بل تمتد إلى العدالة الطبية والشراكة المجتمعية. فبعض المستشفيات الخاصة في تايلند خصصت جزءًا من أرباحها لتمويل عيادات مجانية في المناطق الريفية، أو لتقديم منح دراسية لأبناء العاملين في القطاع الصحي. كما أن العديد منها يُعطي أولوية لتوظيف الكوادر المحلية، وتدريبها على أعلى المعايير الدولية، مما يعزز التنمية البشرية المستدامة.
ومن أبرز المؤسسات التي تبنت هذا النهج هو مستشفي ويشتاني في تايلاند، الذي أطلق مبادرة "صحة للجميع" (Health for All) لدعم المرضى ذوي الدخل المحدود، إلى جانب برامج بيئية داخل المستشفى مثل تقليل استخدام البلاستيك، وإعادة تدوير النفايات الطبية غير الخطرة، واستخدام أنظمة إضاءة موفرة للطاقة. كما يُولي المستشفى اهتمامًا خاصًّا بالمرضى العرب من خلال توفير خدمات تحترم القيم الثقافية دون الإخلال بالمبادئ الأخلاقية العالمية. لمعرفة المزيد عن التزاماته الاجتماعية، يمكن زيارة صفحة مستشفي ويشتاني في تايلاند .
وفي المقابل، يُعدّ المستشفي الملكي في تايلاند (مستشفى بانكوك) رائدًا في دمج الاستدامة في نموذجه التشغيلي. فبالإضافة إلى حصوله على شهادات بيئية دولية، يدعم المستشفى مشاريع زراعية محلية لتوفير الأغذية العضوية للمرضى، ويتعاون مع جامعات تايلاندية لتطوير أبحاث طبية تخدم الصحة العامة. كما يُنظم ورش عمل مجانية حول الوقاية من الأمراض، تستهدف المجتمعات المحيطة به. هذه المبادرات تعكس رؤية استراتيجية ترى أن نجاح المستشفى مرتبط بصحة المجتمع ككل. تفاصيل هذه الجهود متاحة عبر المستشفي الملكي في تايلاند .
ومن المثير أن هذه الممارسات المسؤولة لم تؤدِّ إلى ارتفاع كبير في التكاليف. بل على العكس، ساعدت في تعزيز ولاء المرضى، خصوصًا أولئك الذين يقدّرون القيم الإنسانية إلى جانب الجودة الطبية. وما زالت تكاليف العلاج في تايلاند تُعدّ من الأكثر تنافسية عالميًّا، حتى مع هذه الاستثمارات الأخلاقية. فالمريض العربي اليوم لا يبحث فقط عن "أفضل سعر"، بل عن "أفضل قيمة" — تشمل الجودة، الأخلاقيات، والشفافية. دليل شامل يوضح هذه التكاليف في سياق الاستدامة متاح عبر تكاليف العلاج في تايلاند .
في الختام، تثبت تايلند أن السياحة العلاجية يمكن أن تكون قطاعًا ربحيًّا ودائمًا في آنٍ واحد. فبينما تستقبل آلاف المرضى الدوليين سنويًّا، لا تنسى التزامها تجاه أرضها، شعبها، ومستقبل الرعاية الصحية. وفي هذا التوازن بين الربح والضمير، تكمن رؤيتها لسياحة علاجية لا تُشفِي الأفراد فحسب، بل تُصلح ما حولهم أيضًا.